التضامن بين الولاء والتبعية والانحياز….؟

التضامن في الفهم العام تقديم المساعدة لشخص يعاني من تبعات اجحاف سياسي واداري تمارسه مؤسسات او جمعيات المجتمع المدني أو إقصاء اجتماعي نتيجة غياب الوعي بالمحيط القريب و البعيد من طرف الدولة.

فإذا كان التضامن يجسد القيم الإنسانية والمجتمعية ويتجسد في اللحمة الأخلاقية التي تجمع الأفراد وتقوي من وعيهم بالمسؤولية المشتركة بناء على الانتساب لنفس الشريحة الاجتماعية او السياسية او الجمعوية او الحقوقية وقد يكون القاسم المشترك بين هذه التوجهات التشارك في القيم والمعتقدات التي تحدد شكل التضامن مع الأفراد والجماعات الذي يسهم حقيقة في تعزيز التعاون والتكافل لتحقيق اهداف مشروعة وصولا الى التنمية الشمولية.

وامام غياب الضوابط وانتفاء روح المسؤولية داخل بعض تنظيمات المجتمع تحول التضامن إلى وسيلة للابتزاز وهضم حقوق الآخرين بل يتحول بدون ادراك إلى نصرة القضايا الفاشلة والمهزوزة والانخراط في ردات فعل تروم بالأساس الانتصار إلى الموالي والتابع والمقرب وهذا الامر يعد الجانب المعيب في التضامن الاجتماعي الذي تمارسه جمعيات كربونية تلعب على الوجهين خصوصا تلك الجمعيات التي تدعي الدفاع عن المصالح المشتركة للمواطنين وهذا السلوك ينعكس سلبا على مفهوم التضامن الذي يفرمل العمل الإحساني والتماسك ويطعن في الهوية الاجتماعية التي كان من المفروض حمايتها وتعزيزها بالتفاعل والعمل الجاد والمسؤول الذي يقوي الإحساس بالانتماء إلى الأحزاب أو التنظيمات مما يولد الإحساس بالتضامن والرغبة القوية في تقديم الفارق والرقي بالعمل التكافلي عن طريق الابتعاد عن تحويل الإطار إلى بوق للدعايات المغرضة ووسيلة لتصفية الحسابات السياسية و والمصلحية.

في السنوات الاخيرة تعزز المشهد الوطني بميلاد عشرات الجمعيات التي تنشط في مجالات معينة القواسم المشتركة بينها تقديم خدمة للمجتمع والإسهام في نشر الوعي بأهمية التضامن والتكافل بين طبقات المجتمع وقد ظهر ذلك جليا في العديد من المناسبات وتقوى مفهوم التضامن في الزلزال الأخير الذي ضرب منطقة الحوز فقد تحرك المواطن من تلقاء نفسه لتقديم جميع أشكال الدعم والمساندة للمتضررين انطلاقا من الفهم الدقيق للعمل التطوعي الذي يكرس قيم الإنسان المتحضر ودوره في المجتمع.

ورغم الطفرة النوعية في انتشار قيم التضامن بين الافراد والجماعات فان هناك تنظيمات زاغت عن جادة الصواب وتحولت من الدفاع عن مشروع مجتمعي الى الدفاع عن أفكار مبسترة بل الانسياق الأهوج مع التحريض ضد الأشخاص والمؤسسات مما نزع عنها الشرعية والقيمة والأمثلة كثيرة عن تنظيمات سقطت في المحظور وتم حلها بقوة القانون لارتكابها أخطاء قاتلة خاصة تلك التي حولت العمل الجمعوي الإحساني إلى التجارة في البشر عبر استغلال فقر المواطنين وتحويلهم إلى مواد دسمة للتسول والاغتناء اللامشروع الى جانب تنظيمات تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان وحرية التعبير لكنها في العمق مجرد أوعية فارغة تبحث عن قضاء المصالح الخاصة باستغلال الطبقات الكادحة والتلاعب في الملفات والتجارة فيها واستغلال الضحايا للترويج للأكاذيب والتفاهات دون التدقيق في المعطيات مما نزع عنها المصداقية والقيمة التضامنية ويقوض في ذات الآن شبكات الدعم والمساندة التي توفر بنية آمنة وحماية أكيدة وصريحة للأشخاص في وضعية صعبة بل أن انتهاج أسلوب الوضوح يزيد من التفاف المهتمين بالتنظيم الجمعوي ويمنحه إشعاعا وقوة إبراء قانونية.

ونرى ان التنظيمات التي انحرفت عن المسار الصحيح كثيرة ومتنوعة وحدها الجمعيات الجادة بقيت صامدة تواجه المشكلات المشتركة نظير الجمعية المغربية لحقوق الانسان التي ظلت صامدة في وجه المتغيرات واستطاعت ان تفرض نفسها باعتبارها إطار مسؤول تشتغل على ملفات متنوعة بتنوع التدخلات انها فعلا تجسد قيم المساواة والتماسك في مواجهة تحديات داخلية كبرى وعزز في نفس الوقت الشعور بالمسؤولية.

هناك تنظيمات هجينة تكشف عن توجهها من خلال بيانات التضامن التي تصدرها والتي يغلب  عليها في الغالب الأعم الارتجالية وعمليات الاستنساخ والاسقاطات والغارقة في الإدانة والتهديد والعسف اللفظي الموجه إلى الأشخاص أو المؤسسات مما يعكس عن تدني مستويات الوعي والإحساس بالمسؤولية وهذا الاتجاه السلبي يقوض مفهوم التضامن ويعرقل عجلة التطور والتغيير المطلوب لإقامة مجتمع اكثر عدلا وإنصافا لمواجهة كل أشكال الظلم والتهميش والإقصاء الاجتماعي الكفيل بزرع بدور الثقة في المواطنين وتغيير أنماط التفكير السائدة في التنظيمات التي تعمل من اجل المجتمع لاحداث انقلاب هادئ في العقليات المتحكمة في القرار السياسي والإداري والاقتصادي والثقافي والحقوقي.

Loading

Share
  • Link copied