بداية انهيار قلعة الفساد بإقليم الخميسات

الاستدعاءات الأخيرة لشخصيات وازنة في العالم السياسي المخروم من طرف محكمة جرائم الأموال والتحقيق معها في ملفات ثقيلة تؤكد بالقطع عن بداية انهيار وتفكك قلعة الفساد بإقليم الخميسات التي ترعاها وتقويها وتحرسها بطبيعة الحال السلطات المحلية والإقليمية المنخرطة في العمليات غير القانونية بالصمت وغض الطرف لخلق توازنات سياسية دون الاحتكام إلى صناديق الاقتراع وترك حرية الاختيار للقوة الناخبة لاختيار ممثليها بدل فرضهم بقوة التزوير وشراء الذمم.

استدعاءات البرلمانيين من كلا الدائرتين خاصة رحو الهيلع ومحمد شرورو ومحمد لحموش الذين تخشبوا فوق كراسي المسؤولية لعقود من الزمن تورطوا في ملفات خطيرة لا يمكن بأية حال من الأحوال ان تمر بدون عقاب خصوصا ان المغرب انخرط في حملة تطهير هادئة على مستوى المؤسسات الدستورية لتمهيد الطريق لنخبة سياسية جديدة في الاستحقاقات المقبلة تحتكم الى القانون والعمل الديمقراطي في التعاطي مع الشان العام اعتبارا ان الوطن مقبل على استحقاقات كبيرة مرتبطة بتنظيم كاسي افريقيا 2025و العالم 2030 وهذا يتطلب طبعا تجنيد الطاقات والكفاءات العلمية النظيفة لاستقبال الشركات العابرة للقارات بمعنى الاستثمارات الضخمة التي تحتاج إلى بنية استقبال في المستوى ودون عراقيل ادارية.

التطهير شمل العديد من المدن المغربية وسقطت اسماء كبيرة في قبضة العدالة منهم برلمانيين ورؤساء جماعات ومجالس جهوية واقليمية وموظفين في قطاعات مختلفة القاسم المشترك بينهم الاختلاس والتزوير وتبذيد اموال عمومية في مشاريع وهمية والاثراء غير المشروع.

وقد ظل إقليم الخميسات بمعزل عن ملاحقة رموز الفساد الذين تركوا صناديق مؤسسات الشعب قاعا صفصفا واغتنوا بفضل التدبير السيئ للإمكانات المادية والبشرية لدرجة أصبحت السياسة استثمار مربح بالنظر الى العديد من الأسماء التي قبضت على جمرة المسؤولية بأسمال ممزقة وتحولوا إلى أعيان يمتلكون العمارات والضيعات الفلاحية وأسطول السيارات والأرصدة البنكية وهذا المعطى شجع الابقين والجهلة وقطاع الطرق على دخول الاستحقاقات بحثا عن الثراء وليس خدمة الساكنة مما ضيع على الاقليم فرصة  الرقي الاجتماعي والاقتصادي والعمراني والثقافي والبيئي.

إذن فمعادلة نهب وتبذير أموال الشعب تواصلت عبر سنوات لدرجة اكتسب فيها لوبي الفساد السياسي والمالي مناعة قوية بل شكل دولة داخل دولة يصعب اختراقها واصبحت تشكل تهديدا حقيقيا على بنية المجتمع وبؤرة توتر اخذة في التوسع مما دفع الاجهزة الرسمية الى التعامل بحزم وجدية كبيرة مع الفساد المستشري والمكتسح لمؤسسات الشعب الذي عطل التنمية وخلق قلاقل اجتماعية في اغلب القطاعات.

ولا نعتقد ان الاستدعاءات ستقتصر على الثلاثي البرلماني بل ستمتد الى اسماء متورطة في قطاعات اخرى نظير مديرية التعليم التي تتصرف في الملايين سنويا خاصة التموين و ادارة التجهيز التي تتعامل باستخفاف كبير مع المقالع و مؤسسة العمالة خاصة قسمي التعمير والتنمية البشرية و الوكالة الحضرية التي لا تدقق في ملفات التجزءات و الوداديات السكنية والرخص الاستثنائية والجمعيات الذيلية نظير نادي التنس …

ان تحقيق نقلة نوعية في اقليم الخميسات وتجاوز الإكراهات والمعيقات التي رهنت مستقبل أجيال لا يمكن ان تتحقق بالأماني و لجن التفتيش التي لم تقدم حلولا ولم توقف النهب والتبذير العشوائي لأموال الساكنة، فالتطهير يستقيم بمحاكمة ومحاسبة لصوص الشعب واسترداد الأموال المنهوبة لاعطاء اشارات قوية ان العمل السياسي يسلتزم ان يكون مقرونا بالمراقبة القبلية والبعدية لوقف الاثراء غير المشروع.

ان سقوط الثلاثي وابعادهم من الساحة السياسية نتيجة افعالهم وتوقيع العقاب لا يكفي بل لابد من ملاحقة الاتباع والمتورطين معهم من مسؤولين في اجهزة الدولة لان قطع دابر الفساد يقتضي تفكيك الشبكة برمتها لضمان عدم تكرار نفس الافعال المعطلة للتقدم والازدهار والضامنة للاستقرار والامن.

Loading

Share
  • Link copied