ليس كل من يقف أمام الكاميرا بالضرورة فنان أو نجم وليس كل من يفتح فمه أمام الميكروفون قطعا مغني او مطرب وكذلك الأمر ينسحب على باقي الفنون الأخرى، من الواضح والمفيد التاكيد ان التطور التكنولوجي دفع الإنسان بسرعة نحو الأمام لكن ذلك لم يمنع من ظهور التفاهة التي بدآت تكتسح وتسود وأصبحت الأعمال الفنية والثقافية الجادة نادرة مما يعني ان الانسان يتجه بسرعة اكبر نحو الافلاس الاخلاقي في ساحة تزدحم بالذين يبحثون عن الظهور والنجومية والربح المادي السريع لا يهم كيف بالتعري او بارتكاب حماقات وخدش الحياء وهذا ينسحب ايضا على المقتحمين لمجالات معينة تحتاج الى رصيد معرفي وفكري والقدرة على الاستيعاب والانخراط في التوعية والتثقيف .
التفاهة الفنية تعملقت في الوطن و تضمن النجاح للتافهين بسبب سيطرة شريحة تافهة على مناحي الحياة ومن مصلحتها تقريب والرفع من شان التافهين لمزاحمة الأعمال القيمة التي تعالج أوضاعا اجتماعيا بالنقد الهادف والمقتحم الذي يجيب على أسئلة المستقبل، فالتلفزة والراديو والمسرح والاعلام اصبحوا معتلقين ومسيجين بالتفاهة.
ارتفاع نسبة الابتذال والتفاهة والسخافة يقود تدريجيا المجتمعات إلى اندثار القيم وتحطيم الخطوط الحمراء والمرجعيات الدينية بل الإفراغ من الوعي الخلاق والإيجابي انه الموت الفكري والتكلس البطيء للاجتهاد
فالذين يظهرون في شبكات التواصل الاجتماعي وينشرون الرداءة والتفاهة والضحالة والإسفاف مما يضرب في العمق المقومات الثقافية الجادة والمسؤولة التي لم يعد لها مكان في الوقت الراهن مما يهدد مستقبل أحيال بكاملها بل يهدد مفهوم التغيير و النهوض والإصلاح بل يهدد مقومات الهوية ووجود الدولة الملزمة باتخاذ أجراءات قوية لمحاصرة التفاهة والرداءة المكتسحة للمجال الثقافي الذي لم يعد يعكس الهوية والوعي الجماعي المشترك.