الخطابات الملكية في اغلب المناسبات تؤكد على ضرورة تخليق الحياة العامة وفي الخطاب الاخير بمناسبة عيد العرش الرسالة كانت صريحة وواضحة بوجوب انهاء اسباب انتشار الفقر والهشاشة والاقصاء الاجتماعي في الجماعات الترابية التي لا تزال تنتظر الخلاص مند الاستقلال لجود زمرة من الفاسدين الذين قبضوا على كرسي المسؤولية لسنوات بدون تحقيق تطلعات وطموحات الساكنة.
خطاب العرش كان حاسما في ضرورة تطهير المشهد السياسي من رموز الفساد وما اكثرهم في اقليم الخميسات الذين تحولوا من متسولين إلى أعيان يمتلكون الاراضي والفيلات والسيارات الفارهة والأرصدة البنكية بفضل عمليات شراء الذمم وبفضل ايضا هندسة الخريطة السياسية التي تساهم فيها السلطات الإقليمية لقطع الطريق على الأصوات الحرة على اعتبار أنها أصوات مشاغبة ومشاكسة لا تستحق ان تمنح لها فرصة تولي المسؤولية التعاقدية، فالأحكام المسبقة على مترشحين بعينهم غير تابعين للسلطة افسد العملية الديمقراطية وحولها الى عمليات موالاة بدل الاحتكام الى صناديق الاقتراع لافراز نخبة سياسية حقيقية تمثل فعلا طموحات الشعب في الانعتاق من التبعية والارتهان العقيم الذي خيم لعقود من الزمن مما ضيع على الشعب فرص الانتقال السلس نحو الديمقراطية الحقيقية.
فالخطاب الأخير لعيد العرش كان واضحا ودو دلالات وابعاد استراتيجية لكن فهل السلطات التقطت الإشارات ومستعدة لتصريف التوجهات الملكية وتطهير الحقل السياسي من الفاسدين خاصة هؤلاء الذين تورطوا في التزوير واستعماله وتبديد أموال عمومية والإثراء غير المشروع والذين خضعوا للتحقيقات المعمقة و أحيلت ملفاتهم على العدالة.
نعتقد انه حان الوقت للقطع مع الممارسات السابقة في ما يتعلق بالاستحقاقات الدستورية ويجب سحب مراقبة الانتخابات من طرف السلطات المحلية بل لابد أن تعهد العملية إلى جهات محايدة طمعا في الشفافية والنزاهة لان الأمر يتعلق بمصير شعب يستحق أن تعبر صناديق الاقتراع عن اختياراته وآماله ومستقبله بدل فرض أسماء عليه لا ترتبط بالمنطقة إطلاقا ولم تحقق طوال سنوات أي شي اللهم مراكمة الثروات وتحقيق المصالح الضيقة.
لا يمكن تحقيق التنمية المستدامة في الإقليم دون تغيير آليات الاشتغال وطرق تدبير المؤسسات الدستورية التي تحتاج إلى كفاءات ولن يتأتى دون وضع شروط محددة للترشح عبر فرض مستوى دراسي معين لان تنصيب جاهل على جماعة ترابية او منحه تمثيل الشعب في البغلمان يساهم في عرقلة الإصلاح والتغيير ولا يمكنه بأي حال من الأحوال الترافع عن المنطقة لدى المؤسسات التشريعية والحكومية فاختيار الأنسب لتحقيق مطالب الشعب يجب أن يكون مسؤولية الشعب وليس أي جهة اخرى تزكي أطراف استهلكت و مرفوضة شعبيا واظهرت فشلا واضحا وبينا في التعاطي مع مطالب مشروعة.
منطقة إقليم الخميسات معروفة تاريخيا بكونها قلعة محصنة للفساد السياسي والمالي وان أسباب الأزمات والقلاقل الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية والثقافية يعود إلى تنصيب رموز الفساد في كراسي المسؤولية دون إرادة الساكنة التي فقدت ثقتها في مسؤولي الإدارة الترابية على امتداد ستة عقود تقريبا ونعتقد انه حان الوقت لتوطين الشفافية والنزاهة وترك حرية الاختيار للقوة الناخبة بدل صناعة المشهد السياسي لإرضاء الدوائر الرسمية والأحزاب المخزنية .
ان الرهان الحقيقي في انجاح المحطات الكبرى المقبلة التي سيحتضنها المغرب لن يتاتى طبعا عبر الابقاء على رموز الفساد في المشهد السياسي بل لابد من غربلة وابعاد المتورطين في جرائم الفساد وما المانع من تحديد عدد ولايات التواجد في مؤسسات الشعب فلا يمكن الابقاء على وجوه في البغلمان لخمسة عقود او ستة لفسح المجال للكفاءات والكوادر لتولي المسؤولية، فالاجتماعات الاخيرة لوزارة الداخلية مع الاحزاب السياسية يجب ان يشكل منعطفا حاسما في قطع الطريق على رموز الفساد وابعاد السلطات من مراقبة الانتخابات ليتنفس الوطن هواء الديمقراطية الحقيقية والا فان الوضع سيبقى بدون تغييرات جذرية وهذا سيشكل تراكما خطيرا على المستقبل والتنمية الشمولية.