كل من انتقد وضعا معيبا هو بالضرورة خائن، والذين يوسمون الآخر بالخيانة هم هؤلاء المتسولين والمرتزقة المستفيدين من الريع والامتيازات التي يوفرها لهم لصوص المال العام وقطاع الطرق في المؤسسات الدستورية و الإدارات العمومية الذين عطلوا التنمية وحاربوا كل اصلاح وتغيير.
اتهام المعارض بالخيانة اسلوب شائع في اغلب الجماعات الترابية على المستوى الوطني لاسكات الأصوات المزعجة والمنتقدة لتحركات وتوجهات سادرة لا تستجيب اطلاقا لطموحات الشعب في التقدم والازدهار والخروج في حالة الانتظار والترقب .
حين يتم التدقيق في هؤلاء الذين يصدرون الاحكام الجاهزة لاقبار الراي المخالف ودفعه الى التزام الصمت والتحول من منتقد لممارسات غير قانونية كفيلة بتطوير النقاش والبحث عن الحلول الجماعية للازمة الى إنسان متفرج مما يفقد حرية الراي والتعبير والممارسة السياسية القيمة الجوهرية وبدل ان تكون في المجتمع اراء مختلفة تدفع نحو التقدم يكون المجتمع ملزم بالتعايش مع الراي الواحد المقدس، اغلب هؤلاء الانتهازيين العدائيين والمنقلبين على استعداد لبيع الوطن في سبيل تحقيق المارب الضيقة فالبحث في خلفيات هذه الطغمة نجدهم يتحدرون من اوساط فقيرة فاشلين لذلك يسلكون الطرق السهلة لتوفير لقمة العيش بتنفيذ مخططات اولياء النعمة.
ان نعت الاراء المعاكسة بالخيانة تروم بالأساس سحق أي انتقاد للاعوجاج والانحراف داخل المجتمع وهي طريقة شائعة من ضمن أخرى لنبذ المتهم بالخيانة ودفعه إلى الانسحاب من الساحة ليخلو الجو لطغمة الفساد والمنتفعين لبسط السيطرة على الممتلكات الجماعية.
ان اتهام الاراء المغايرة بالخيانة السياسية محاولة بائسة لنشر ثقافة التخويف والتركيع ودفع افراد المجتمع إلى نبذ المتهم الذي لا يقدم الولاء وطاعة رموز الفساد السياسي والإداري مما يستوجب عزله عن المحيط الذي يتحرك فيه لقطع شعرة التواصل الاجتماعي، انها سياسة فاشية قمعية تعد الأكثر استعمالا وانتشارا في إقليم الخميسات بسبب انتشار الجهل والفقر وتفشي الانتهازية والاتكالية.
فالمتهم بالخيانة من منظور الاتباع وعبيد لصوص الشعب ليس الذي يخرج عن الملة ويعتنق أفكارا تخريبية ويبيع أسرار الدولة للجهات المعادية بل ذلك الشخص الحر الذي يرفض الاصطفاف والانبطاح لشبكة الانتفاعيين من ثروات المنطقة باستغلال الوضع السياسي المتقدم واستنفار شبكات معقدة من الانتهازيين الذين يعتقدون إن إسكات الأصوات الحرة يخدم الصالح العام لكن العكس هو الصحيح فبدل محاربة الفساد وملاحقة المفسدين الذين استغلوا ثقة القوة الناخبة وفرطوا في الامانة وتعريتهم يتم ملاحقة فاضح الفساد واتهامه بأقبح النعوت والصفات وهذه السياسية الاقصائية والعدائية في العمق تجاه الاراء الحرة اجلت عمليات الاصلاح الافقي والعمودي بل التبس على المواطن العادي الخائن الحقيقي الذي سقط الى قعر الدناءة والخسة والحقارة واستغل النفوذ ليهضم حقوق الأفراد والجماعات ويحول مواطنين شرفاء الى اقيان غير قادرين على التمييز بين الصالح والطالح ومن الخائن الحقيقي الذي يجب محاربته عن طريق الفضح والتكتل لنصرة القضايا الاهم بحثا عن مستقبل مزهر تنتفي فيه الطبقية في وطن يتسع للجميع.
![]()
