نتساءل دائما عن أسباب تخلف الإقليم على جميع المستويات، والأجوبة في الحقيقة اقرب مما نتصور، هناك عملية اختراق كبيرة وخطيرة لحقول العلم والفكر والثقافة إجمالا، من طرف الجهلة والتجار والمنتسبين قهرا وعسفا وتطاولا على مجالات طمعا في تحقيق الاشعاع والظهور بمظهر المتمكنين والقادرين على تقديم الفارق.
ان يسبغ على جاهل صفة ( الباحث) و ( الأستاذ) و ( الكاتب) و( الصحفي) اكبر مهزلة وتسويق للضحالة والإسفاف من طرف كراكيز يدعون الانتساب الى الحقل المعرفي والفكري والثقافي قمة السفاهة ان لايرى الاخر ابعد من حفنة اوراق ، ولا يخجلون من الاحتفال بالاقزام والحلقات المائعة التي تتحول بفعل العطايا والهدايا والأطعمة الدسمة والاظرفة الى متسولين يجتهدون في تلميع الميوعة وتسويقها واعتبارها مكسبا للثقافة.
البحث العلمي ايها السادة الرعاديد والعضاريط بالمفهوم الواسع سلوك انساني يرتكز على الاستقصاء والاجتهاد وتناول ظاهرة معينة بالتحليل والشرح الدقيق للمساهمة الواعية في نمو الادراك عن طريق ضوابط تقييمية، ولا يمكن ان يمارسه مفصول عن الدراسة في سن مبكرة ولا يفرق بين الدبابة والذبابة والاف والزرواطة.
اما صفة استاذ التي ترمى على عواهنها لكل من هب ودب وتوسم بها الملصقات في اللقاءات الباهتة التي يحضرها جيش من القردة والنطاطين والمياومين الذين يدفع لهم مقابلا لملا الكراسي ولعلعة القاعات بالتصفيقات حتى يقال عظيم الشان موبوء فقد فقدت معناها القيمي ولم تعد الكلمة مقرونة بالمهارة وتعليم الفنون وتنمية الوعي الجماعي بل اصحبت لصيقة بكل من لا يمتهن اية مهنة وقد شجع على ذلك هؤلاء الملمعين والنكافات الذين يساهمون في توسيع دائرة الرداءة وتمجيد العفن.
اما كلمة صحفي فتلك مصيبة أعمق وافدح وتحتاج الى معاول الهدم والبناء لمحاصرة المد والاختراق الكبير الذي عرفته المهنة من سنوات رغم ترسانة القوانين لكنها لم تعد كفاية لمحاصرة الظاهرة التي تسيئ الى مهنة الصحافة.
تنظيم احتفالات واستغلال مناسبات وطنية لتلميع الجهلة نظير المدعو ( راقص الاعراس) قمة السخافة خصوصا ان المحتفى به جاهل ولا يتعدى مستواه الرابعة والنصف اعدادي ويحاول بجميع الطرق الملتبسة التسلل الى المجالات التي تحتاج الى رصيد فكري ومعرفي ومستوى علمي يؤهل لانتاج ثقافي خالص وليس بدفع مبالغ مالية لحفنة الكتبة في الخميسات والقنيطرة ومريرت( نحتفظ بالاسماء الى حين …) عارضا رزنامة من الخربشات التي لا تصلح سوى للتعليق في المراحيض العمومية لتكون ذات فائدة ويخرج الكتاب( هكذا لوى مؤخرته راقص الاعراس) الى الوجود ويهتبل الجاهل الفرصة ويحمل المطبوع الى رؤساء الجماعات للشحاذة والتفاخر ونفخ الاوداج والادعاء انه من بنات افكاره وليس من بنات افكار الاخرين وبيع نسخ من الكتاب المسخ وقع عليه بالعطف ووجدت طريقها الى المزبلة.
الاقلام التي قبلت عملية استخراج الحي من الميت ومباشرة التصحيح فوجئت بالمستوى المنحط لمن يدعي في السر والعلن انه شخصية مهمة يشار اليه بالبنان ويعمل جاهدا على ترسيخ الادعاءات الفارغة فراغ حراس البلادة.
حسنا فعلت بعض الاقلام الحرة التي تحترم الضمير الجماعي ولديها مبادئ حين رفضت الانخراط في العملية السمجة لكن ما يؤخذ عليها انها التزمت الصمت بدل فضح المتسلق الوصولي ووضعه في حجمه الحقيقي.
نحن الآن أمام مفارقة غريبة تجعل من الجاهل عالما باحثا لودعيا بقوة وارادة النكافات والطبالين وإسفاف ورداءة يساهم فيها فعلا وقولا وحضورا وتحضيرا من يدعون الانتساب مجازا الى المجال الثقافي بتسويق الصور المخرومة وحمل الابقين والمهزومين دراسيا فوق هودج الباحثين الذين لا يشق له ( زكدون).
ايها المثقفون، يا اشباه المثقفين ارحمونا من التفاهة والتافهين والتهافت على الضحل والغث ومنحه القيمة وتلميعه في المناسبات ، ارحمونا من تشجيع النكرات والعلاجيم نريد ان نتنفس إبداعا نقيا يليق بمكانة وتاريخ المدينة.
![]()
